جريدة احداث الساعة 24//ع/خ
في مشهد يعكس التحولات الجيوسياسية العميقة التي تشهدها القارة الإفريقية والعالم، يتفاقم عزلة “البوليساريو” على المستويين الإقليمي والدولي، في وقت بدأت فيه دول عديدة تعيد النظر في مواقفها التقليدية تجاه هذا الكيان الانفصالي. ويبدو أن المقاربة المغربية القائمة على مقترح الحكم الذاتي باتت تحظى بدعم متزايد، تجلى مؤخرًا في قرار جمهورية غانا بسحب اعترافها بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”.
هذا التحول لم يأتِ صدفة، بل جاء نتيجة إدراك متزايد من قبل دول إفريقية وأخرى من أمريكا اللاتينية للمخاطر الاستراتيجية المرتبطة بدعم حركات انفصالية، والتي لا تؤدي سوى إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي. فقد أصبح واضحًا أن استمرار دعم البوليساريو لم يعد مجرد قضية سياسية، بل ورقة خاسرة تضع الدول الداعمة له في موقف حرج أمام التوجهات العالمية الداعية إلى الحفاظ على وحدة الدول وسيادتها.
بالتوازي مع هذا التراجع الكبير للبوليساريو، تشهد الدبلوماسية الجزائرية أزمة متصاعدة. فمع تنامي الضغوط الداخلية وتفاقم التحديات الخارجية، تجد الجزائر نفسها في وضع صعب، حيث أصبح دعمها المستمر للبوليساريو محاولة يائسة للحفاظ على مشروع أصبح في نظر الكثيرين فاقدًا للمصداقية والشرعية. في المقابل، يواصل المغرب حصد مكاسب دبلوماسية تعزز من موقفه إزاء قضية الصحراء المغربية، في ظل رؤية واقعية تحظى بدعم أطراف مؤثرة على الساحة الدولية.
إن المتتبع للتطورات الأخيرة يدرك أن الجزائر تعيش اليوم في عزلة سياسية متزايدة نتيجة لرهاناتها الفاشلة على مشروع انفصالي بات مكشوفًا، بينما تتجه أنظار المجتمع الدولي نحو المغرب كطرف يقدم حلاً واقعيًا ومنطقيًا للنزاع، مما يعكس فشل المخططات القديمة وضرورة البحث عن أفق جديد يعيد الاستقرار للمنطقة.
خلاصة القول، إن عزلة البوليساريو المتزايدة والارتباك الدبلوماسي الجزائري يعكسان بوضوح تغير موازين القوى في المنطقة، مما ينذر بسقوط مشروع الانفصال وانكفاء داعميه نحو مواجهة أزماتهم الداخلية.