اول ما يلاحظ الزائر لمدينة فاس بعد توقف القطار في محيطها، كثرة المتشردين في دائرة المحطة.فيتبادر إلى الذهن وجود مجموعة من المتشردين تلاحق المتجهين القطار وتستعطفهم بأن يجودوا عليهم ولو بدراهيم معدودة ليقاوموا الجوع وقلة الحيلة. فمجموعة منهم تلتحف الأرض وتتناوب على تدخين سيجارة، ومجموعة أخرى تستلد باستنشاق” السيلسيون “والبعض الآخر يتعاركون فيما بينهم أملا في إثبات قوتهم ورجولتهم وكأنهم في غابة البقاء فيهاللاقوى والاشرس، إنهم أطفال وشباب خريجي هذآ الوطن الحبيب دفعتهم ظروفهم القاسيه لقضاء أيامهم العصيبة والطويلة بين أحضان الشارع الذي ينبذهم ويحتقرهم عوض أن يحضنهم ويضعهم في بر الأمان.فكم من متشرد صار مبدعا وعبقريا. ان المجتمع يحصد مازرعه. فمن زرع التشرد يحصد الضعف والخراب والهوان.ومن زرع الأمل في هؤلاء يحصد مستقبلا منيرا وديمومة لهذا الوطن، ومكانة بين الأمم.