
جريدة أحداث الساعة 24/
هجر نافور طالبة بسلك الماستر القانون الإجتماعي ومنازعات الشغل
جامعة القاضي عياض مراكش
توجت العلاقات الشغلية بالمغرب بصدور مدونة الشغل بموجب القانون 65.99 الصادر في 11شتنبر2003 ،وقد شكل قفزة جديدة فى المنظومة التشريعية المغربية،بعتباىها مدونة جامعة وشاملة لمختلف الأحكام المنظمة للشغل ،بعدما كان قانون الشغل عبارة عن نصوص مشتتة ومتفرقة بين ظهائر والمراسيم والقرارات الوزارية عبر مجموعة من الحقب تبتدئ من 12غشت 1913 ولا ينتهى الا بصدور مدونة الشغل فكانت غايته تحقيق سلم اجتماعي واستقرار العلاقات المهنية و إقامت توازن بين مصلحة كل من الاجير والمشغل مبنية على العمل والمساواة لتحقيق العدالة الإجتماعية ، فحينما نقول مدونة الشغل أول تساؤل يتبادر الى الدهن هو مجال تطبيق هذا القانون ، ومعلوم انه اي قاعدة قانونية خرجت لحيز الوجود الا ولها مجال تطبق فيه وعليه فمجال تطبيق مدونة الشغل نظمه المشرع المغربي منالمادة الأولى إلى المادة الخامسة ،وقد أخضع في إطاره بعض القطاعات والأشخاص للاستفادة من مقتضياته بصفة أساسية في حين اعتمد على معيار التبعية الاقتصادية لتمديد أحكام المدونة إلى بعض الفئات الاخرى وفي مقابل ذلك عملت المدونة على استبعاد بعض الفئات من الخضوع لأحكامها رغم توفر شروط تطبيقها عليهم ،فعمدالمشرع المغربي على إسثتناء مجموعة من المجالات من تطبيق مدونة الشغل عليها , وخصص نظاما قانونيا خاصا بها .وهذا ما نصت عليه المادة الرابعة من المدونة حيث جاء فيها ” يحدد قانون خاص شروط التشغيل و الشغل المتعلقة بخدم البيوت الذين تربطهم علاقة شغل بصاحب البيت .ويحدد قانون خاص العلاقات بين المشغلين و الاجراء و شروط الشغل في القطاعات التي تتميز بطالع تقليدي صرف…….”
من خلال المادة أعلاه يتضح لنا أن قانون الشغل متفرق فى إطار قوانين خاصة رغم صدور هذه المدونة هل كان الهدف من وراء هذا هو التنصيص على حماية خاصة بهذه الفئات أكثر مما هو مضمن في مدونة الشغل ام كان الهدف إخراجهم من نطاق الحماية التى يتمتع بهاالأجراء في المدونة ؟ ومن تم فهذا هو المنطلق الذى سنعتمده من خلال دراسة القوانين الخاصة المنظمة لهذه الفئات
✓ وللحديث عن عمال و عاملات المنازل استبعد المشرع هذه الفئة من ضمانات مدونة الشغل واحالتهم على قوانين خاصة يحدد شروط التشغيل والشغل المتعلق بخدام البيوت الذين تربطهم علاقة شغل بصاحب البيت ،ظل في انتظار لمدة تزيد عن 12 سنة حيث صدرفى 10 غشت 2016 الظهير القاضي بتنفيذ القانون 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلق بعمال وعاملات المنازل فهو القانون الذي أتي لينظم وضعية هذه الفئة لأكثر هشاشة ضمن عموم العمال والتي ظلت تعيش تجاهل قانوني كرسه الاجتهاد القضائي فالمادة 4 من مدونة الشغل أحالت على قانون خاص الذي ينظم هذه الفئات التى لا تخضع لمدونة الشغل وهو القانون 19.12 فما هي المستجدات التي جاء بها هذا القانون؟
فإلى اي حد استطاع المشرع تكريس الحماية للازمة لفئة عمال وعاملات المنازل ؟
وإذا كان جانب من الفقه يذهب إلى ان التشريعات تستثني هذه الفئة من الخضوع لأحكام مدونة الشغل , نظرا للعلاقة الوثيقة التى تربط صاحب البيت بالعامل المنزلي , بما يمكنهم من الاطلاع على أسرارهم وشؤونهم ألخاصة ومن ثم فقد أريد لهذه العلاقة أن تظل بمنأى عن التدخل التشريعي الذي يتمثل فى م.ش , فإن هناك جانب اخر من الفقه يري بأن هذه الحجج ليست بالسبب الكافي لحرمان هذه الفئة من جميع ضمانات م . ش , خاصة ان الاجتهاد القضائي الذي كان المفروض فيه ان يوفر حماية لهذه الفئة من خلال بلورة الطابع الحمائي لقواعد قانون الشغل , يحجم عن منحها صفة اجير , وبتالي يبقي عليها خارج نطاق القانون الشغل . وان الواقع يدل على ان ما يربط ببن العمال المنزلين والشخص الذي يستفيد من خدمتهم هو عقد الشغل . ويقتضي تطبيق مدونة الشغل حتى ولو أدى هذا التطبيق الى إدخال بعض التعديلات لتكيفها مع خصوصيات عمل خدم المنازل.
فمن المستجدات التي جاء بها هذا القانون هو استبدال تسمية خدام البيوت بعمال المنازل لإضفاء حماية أكثر وكذا تغير تسميت صاحب البيت بالمشغل،ويعتبر عاملا أو عاملة منزلية كما نصت على ذلك المادة الأولى من ق 19.12 الذي يقوم بصفة دائمة أو اعتيادية مقابل أجر بإنجاز أشغال مرتبطة بالبيت أو بالأسرة كما هي محددةفي المادة 2 من هذا القانون سواء مشغل واحد أو أكثر.
بالرجوع للمادة الثانية من قانون 19.12 نجدها تنص صراحة على الاعمال التي تدخل في نطاق عمال المنزلين نصت”تشمل الأشغال المرتبطة بالبيت أو بالأسرة على وجه الخصوص الأعمال التالية:
الاعتناء بشؤون البيت؛الاعتناء بالأطفال؛الاعتناء بفرد من أفراد البيت بسبب سنه أو عجزه، أو مرضه، أو كونه من الأشخاص في وضعية إعاقة؛
السياقة؛أعمال البستنة؛حراسة البيت…
وتجدر الإشارة أنه يخرج عن نطاق تطبيق هذا القانون , حارس البيت الذي يكون مرتبط بعقد شغل مع إحدى شركات الحراسة الخاضعة نشاطها للقانون 27.06 المتعلق بأعمال الحراسة ونقل الأموال بتاريخ 30نونبر 2007,مع الإشارة أن هذه الأعمال الواردة في هذه المادة جاءت على سبيل المثال لا الحصر حيث يمكن للاجتهاد القضائى أن يدخل فيها بعض الأعمال الأخرى .كما يستشف من الفقرة الأولى من المادة الثانية التى جاء فيها “تشمل الأشغال المرتبطة بالبيت أو الاسرة ,على وجه الخصوص الأعمال التالية ” فى حين لأتدخل فى هذه الفئة , ولا يعتبر عاملا أو عاملة منزليا الاشخاص الذين يتم وضعهم رهن اشارة المشغل من قبل , المقاولات التشغيل المؤقت و البوابون في البنايات المعدة للسكن الخاضعون لأحكام الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.76.258 الصادر في 24 شوال 1397 الموافق 18 أكتوبر 1977. ومن بين الضمانات التي جاء بها القانون 19.12 :
✓بخصوص الاجر: نصت المادة 19من القانون 19.12 ضرورة ألا يقل عن 60٪ من الحد الادني للأجور ولا يدخل ضمن الأجر النقدي مزايا الاطعام و السكن.
✓بخصوص ساعات العمل: حدد مدة العمل المنزلي 48ساعة أسبوعيا ونص على لاستفادة من الراحة الأسبوعية لاتقل عن 24 ساعة.
✓ استفادة من عطلة سنوية مؤدي عنها شرط قضائه 6 أشهر فى العمل متصلة
✓منح سلطة التشغيل العمال المنزلين لوكالات التشغيل الخصوصيه ومنع الأفراد من الوساطة بمقابل في تشغيل العمال المنزلين.
ولضمان حماية أكبر للعمال المنزلي أكدت المادة 21 في حقه عن تعويض عن الفصل إذا قضي مدة لا تقل عن سنة متواصلة لدى نفس المشغل وتمتيع العمال المنزلين من الاستفادة من الضمان الاجتماعي.
أما عن اجراء القطاعات ذات طابع تقليدي صرف وبعض لفئات المهنية المستبعدة من تطبيق مدونة الشغل
فقد أشارت المادة الرابعة من المدونةالى صنف أخر من الأجراء لا تسري عليهم أحكام هذه المدونة ،
وهم الأجراء الذين يشتغلون في القطاعات ذات الطابع التقليدي الصرف حيث ستحدد علاقتهم بمشغلهم بموجب قانون خاص ،الا ان مقتضيات هذه المادة بقيت حبر على ورق فالحد لان لا يوجد اي نص قانونى أو قانون ينظم هذه الفئة المهمة ،للهم مشروع قانون والذي بدوره لم تتم المصادقة عليه لأمر الذي جعل هذه الفئة تعانى من فراغ28.13
تشريعي فالمشرع من خلال م ش لم يقم بالعمل على تنظيم هذه الفئة ضمن فئات باقى الاجراء التي تطبق بشأنهم مقتضيات مدونة الشغل بل اكتفي فى المادة الرابعة من مدونة الشغل إلى الإشارة أنه سيحدد قانون خاص ذلك ،وبستقراء المدونة الشغل يتضح أنه لتوفر على صفة مشغل فى القطاع التقليدي الصرف لابد من تحقيق مجموعة من الشروط:
أن يكون شخصا ذاتيا لا معنويا:فإذا كان شخصا معنويا طبقت أحكام مدونة الشغل طبقا لمادتها الأولى
مزاولة حرفة يدوية: ويقتضى ذلك أن يعتمد المشغل في هذا القطاع على مهاراته و مواهبه ، مستعينا في ذلك على يديه أوعلى الأيدي العاملة لمساعدته ، دون تدخل الالة أو وسائل التكنولوجيا الحديثة في عمله الرئيسي.
إمكانية العمل بمساعدة الزوج و الأصول و الفروع: ويدخل في ذلك الزوج أو الزوج الله ضة أو الزوجات عند التعدد، وأبوين ،وعدد من الاولاد الى غير ذلك مادام المشرع ابقى الباب مفتوحا بخصوص الاقارب.
بمعية خمسة مساعدين على الأكثر : وهذا عنصر محدد أيضا لتمييز بين قطاع الصناعات التقليدية الصرفة ,والمقاولات الصناعية التقليدية التي تطبق عليها مدونة الشغل:
تعاطى الحرفة بالمنزل أو في مكان يشتعل به : وإذا كان الأمر بشأن المنزل لا يطرح إشكالا من حيث الفهم , فإن الإشارة الى المكان الذي يشتعل فيه المشغل يبقي واسعا من اختياره كدكان في السوق او وراب او معمل فردي للصناعة التقليدية او غيرها.
صنع المنتجات الليلية و تهيئها للاتجار فيها: فالأمر يتعلق بالإتجار في المنتوج التقليدي ويدخل في إطار الصناعة التقليدية ، أي فى سلع تعتبر عرفا من أعمال الصناعة التقليدية ، غير أنه مدام مكان البيع لم يحدد فقد يكون داخل مكان صنعها أو يتولي طرف أخر بيعها.
وتنبغي الإشارة إلى أنه ينبغي تمييز بين المقاولات الصناعية التقليدية التي تطبق بشأنها مقتضيات مدونة الشغل والقطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف والتى لا تخضع لمدونة الشغل بل تخضع لقانون خاص والذي لم يصدر بعد ،فالذي يوجد حاليا مشروع قانون رقم 26.13 المتعلق بتحديد العلاقات بين المشغلين والأجراء وشروط الشغل في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف ، وبقراءة المادة الثالثة من هذا المشروع نجدها تنص على أنه يعتبر مشغلا فى القطاع تقليدي صرف كل شخص طبيعى يزاول حرفة يدوية بمعية خمسة مساعدين على الأكثر دون احتساب زوجه أو أصوله أو فروعه يتعاطي حرفته بمنزله أو فى مكان آخر يشتغل فيه ،وبالعودة أيضا للمادة الثانية من مشروع قانون 26.13 نجده استتني من نطاق تطبيقه:
♦المشغل فى القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف الذي يستعين في ممارسة مهنته بأفراد أسرته فقط.
♦ ألا يتجاوز دخله السنوي خمس مرات الحصة المعفية من الدخل.
وقد أشارت نفس المادة الى إلى أنه سوف يتم تحديد لائحة الأنشطة المهنية فى القطاعات ذات طابع تقليدي صرف بقرار مشترك بين السلطة الحكومية المكلفة بالشغل والسلطة الحكومية المكلفة بالصناعة التقليدية ، أما بخصوص الاجراء برجوع للمادة 4 من مشروع 26.13 ألا يتجاوز عدد الاجراء خمسة إلا أن المادة 12 من هذا مشروع قانون نصت على استتناء بالإضافة إلى خمس اجراء يضاف إليهم خمسة آخرين دون ان تتعدي مدة الشغل خمس أشهر فى حالة كان العمل موسيمي هذا من جهة ، كما عمل على تحديد فئة الاجراء العاملين بالأنشطة ذات طابع تقليدي صرف حسب المادة الخامسة من ذات القانون وهم:
الصانع المعلم: هو كل صانع يكون على دراية بجميع المراحل التي يمر منها المنتوج المرتبط بحرفته ويكون قادر على وحدة للإنتاج وعلى القيام بتلقين التكوين الضرورى لاكتساب الحرفة وعلى تجديد وتحسين المنتوج وتنويعه
الصانع: وهو كل شخص ذاتي يزاول لحسابه الخاص أو لفائدة الغير نشاطا للصناعة التقليدية الصرفة
معاون الصانع: كل شخص يمارس نشاطا للصناعة التقليدية ويكون حاملا لبطاقة مهنية مسلمة وفق الشروط تحدد بنص تنظيمي يعمل لفائدة مصدر أمرا ،او في الوقت نفسه لفائدة عدة مصدري أوامر يمارس نشاطه فى محلات مصدر الأمر،وبأدائه مع استعمال المواد التي يزوده بها عند الضرورة يتقاضي اجره على أساس العمل المنجز أو القطعة
المتمرن:كل شخص لا يقل عن 15سنة كاملة ويزاول نشاطا في إطار عقد التمرس المهني وذلك طبقا للشروط المنصوص عليها فى القانون رقم 12.00 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.00.206 بتاريخ 15 صفر1421 الموافق 19 ماي 2000 حول التمرس المهني
و عليه فالأجراء الذين يشتغلون في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف في حالة كان هؤلاء الأجراء يشتغلون حسب ما نصت عليه المادة الثالثة من مدونة الشغل فإنهم لا يخضعون لمدونة الشغل، على خلاف ما نصت عليه المادة الأولى من مدونة الشغل أنه يبقى إخضاعهم لقانون خاص بهم.
يمكن أنه تستثني بعض الفئات المهنية من المشغلين من تطبيق مدونة الشغل بواسطة نص تنظيمي خاص , يتخذ بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين و الأجراء الأكثر تمثيلا ، و تراعى في تحديد هذه الفئات الشروط التى ، نصت عليها الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من مدونة الشغل
اولا:أن المعني بالأمر شخصا طبيعيا يكون شخص
أي أنه حتى يستثني المهني المشغل من الأشخاص الخاضعين لأحكام مدنة الشغل يجب أن يكون شخصا طبيعيا ذاتيا ، وبمعني المخالفة فالشخص المعنوي ليس من هذه الفئات المستبعدة من نطاق مدونة الشغل .
ثانيا:ألا يتعدى عدد الأشخاص الذين يستعين بهم المشغل خمسة أشخاص.
فإذا ما تجاوز عدد هؤلاء الأشخاص خمسة ،فإننا نقول بسريان أحكام المدونة عليهم، و الملاحظ أن المشرع لم يعمل على تحديد هؤلاء الأشخاص ما اذا كانو يدخلون ضمن أفراد المشغل من عدمه ، وذلك عكس ما هو عليه الأمر بالنسبة للقطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف.
ثالثا:ألا يتجاوز الدخل السنوي للمشغل المعني خمس مرات الحصة من الضريبة.
وتجدر الاشارة الى ان هذا الشرط يثير الاشكالات العملية ،من بينها صعوبة تحديد الدخل خاصة اذا اردنا الاعتماد على الدخل الحقيقي باعتبار ان الدخل المصرح به من طرف المشغل لدي مصلحة الضرائب قد تكون غير صحيح ، كما ان تقدير هذه المصلحة قد تكون مبالغا فيه.
نافلة القول رغم اعتبار العمومية و التجريد من خصائص القاعدة القانونية ،إلا ان المشرع من خلال مدونة الشغل حاول تحديد وحصر الفئات المشمولة بحماية هذه المدون وفي نفس الاطار عمل على استبعاد فئات لا تقل اهمية عن ناظراتها من الخضوع لأحكامها،اذا اثيرة اشكال بخصوص التقاطع بين أحكام المدونة و الحكام الخاصة بالنظام الأساسي لكل قطاع اذا يتم تطبيق القانون الذي يتوفر على ضمانات أكثرإلا ان المشرع ضرب بعرض الحائط ،الفلسفة القانونية التي جاءت بها المدونة لحماية الأجير حينما استبعد شريحة مهمة من الخضوع لمقتضيات المدونة رغم توفر عنصر التبعية وظلت فى فراغ تشريعي ….
زر الذهاب إلى الأعلى