يبدو العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وباريس على المحك، بعدما حمل البيان المشترك الذي أصدره البرلمان المغربي بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، يوم الإثنين الماضي، إشارات إلى وقوف باريس وراء ما اعتبرته المؤسسة التشريعية المغربية “استهدافاً” و”ابتزازاً” للمملكة. وجاء البيان في ختام جلسة مشتركة كان موضوعها الرئيسي الرد على المواقف الأخيرة للبرلمان الأوروبي، بشأن حرية التعبير وحرية التعبير في المملكة.
و في هذا الصدد تعتبر زيارات ممثلي الإتحاد الأوروبي للمغرب دليل على دينامية بناءة، وتجديد وتكييف وإبرام إتفاقيات ملموسة للاستجابة سويا للعديد من الرهانات التي يمكن أن ترهن وتهدد الفضاء المشترك.
ومن جهته، أعرب السيد أوليفر فاريلي، المفوض الاوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع عن رغبة الإتحاد الأوروبي في مواصلة دعم المغرب، مشيرا إلى أن تنفيذ “مخطط التنمية لفائدة الجنوب” في إطار استعراض “السياسة الاوروبية للجوار” يشكل مناسبة للارتقاء أكثر بالعلاقات النموذجية بين الشريكين…
ويرى الدكتور محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ علم السياسة والسياسات العمومية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن التصريحات الصادرة عن هذا المسؤول وزيارته إلى المملكة في هذا التوقيت، “رسالة واضحة إلى مسيري الكولسة في البرلمان الأوروبي، ودليل على أن العقل الأوروبي يريد أن يصحح أخطاء البرلمان الأوروبي الذي يحتكم إلى سياسة سياسوية مبنية على الابتزاز والشعبوية”.
وسجل ذ. بنطلحة، ضمن تصريح لأحدى الجرائد الإلكترونية، أن البرلمان الأوروبي “تمادى في فرض شروطه وإملاءاته التي تدخل في خانة التضييق على المغرب ومؤسساته السياسية، مع العلم أن المغرب راكم مكتسبات كبيرة في مجال حقوق الإنسان التي تعد خيارا استراتيجيا وطنيا يعكس الإرادة الصادقة، سواء على مستوى تأهيل المنظومة القانونية أو على مستوى الجهود المتعلقة بتعزيز البناء المؤسساتي وتطوير السياسات والبرامج العمومية من أجل ترسيخ البناء الديمقراطي وإرساء بناء دولة الحق والقانون، ونجد أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي ينظرون بروية وتبصر في إطار رؤية استشرافية مبنية على معطيات اقتصادية وسياسية مدروسة”.
واعتبر مدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء أن هذه الزيارة “تعكس حجم وقوة المغرب، واستدراكا للخلل الذي مارسه البرلمان الأوروبي”، مشددا على أن هذا يؤكد أن الاتحاد الأوروبي ينظر بواقعية واستراتيجية لعلاقته بالمغرب، ويريد تصحيح أوهام البرلمان الأوروبي.
فالمغرب وكما صرح المفوض الأوروبي، يضيف بنطلحة، “شريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي، وهذا الأخير يعي جيدا أنه يتعامل مع دولة ذات سيادة وذات مصداقية دولية، باعتبار المغرب فاعلا في المنطقة، ما يبين عمق الشراكة بين الطرفين”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن “المغرب والاتحاد الأوروبي تجمعهما علاقات عريقة ومتنوعة تطورت على مر السنين، واتسع نطاقها بإبرام اتفاقات تعاون منذ 1976، وتعززت أكثر مع اعتماد اتفاق شراكة في سنة 1996، وبمخطط عمل الجوار سنة 2005، وبمنح المغرب صفة الوضع المتقدم لدى الاتحاد في أكتوبر 2008، الذي بموجبه يعطى حق الولوج لكل مجالات الفعل الأوروبي، باستثناء العضوية الكاملة”.