الحوادثالرئيسيةالمجتمع

صدفة الطريق وحكاية الأوطوسطوب التي كتبت لي الحصول على عمل.

صدفة الطريق وحكاية الأوطوسطوب التي كتبت لي الحصول على عمل.

جريدة أحداث الساعة 24//عبد الله شوكا.

كثيرة هي المواضيع الصحافية المتنوعة والتي يمتعض منها القارىء لفداحة مواضيعها كأخبار الحوادث والجرائم والسرقة وما شابه ذلك.
وعلى النقيض من ذلك هناك أيضا مواضيع جديرة بالمتابعة تحكي عن مواقف جميلة وايجابية، والقصة أحتفظ بها لنفسي منذ سنة 1981كما سأحكيها والتي عشتها شخصيا، وما كنت لأسردها للقارىء الكريم لولا تأكيد مدير جريدتنا أحداث الساعة 24 على نشرها لأن فيها فائدة وطابعها انساني محض.

كنت ذات يوم سبت من سنة 1981 أطوف بين فجاج وتلال منطقتنا بالرحامنة أراجع دروسي استعدادا لاجتياز امتحان الباكلوريا بعد يومه الاثنين، وأتذكر أن كل دفاتري ومقرراتي أصبح لونها أحمر بسبب التراب الحمري الذي يعلو تلال وفجاج منطقتنا بالرحامنة.
وفي مساء السبت جمعت لوازمي كوني سأمتطي الحافلة صباح يوم الاحد انطلاقا من السوق الاسبوعي أحد سيدي عبد الله صخور الرحامنة في اتجاه مدينة سطات.

ليلة السبت لجأت الى غرفتي لاتمام مراجعتي لدروس العربية والتاريخ والجغرافيا كوني اخترت شعبة الاداب العصرية ثم الاستسلام للنوم بعد ذلك ، وفي الساعة الواحدة صباحا اطفأت نور حجرتي كي أنام، وبمجرد اطفاء النور تذكرت ورقة الدخول للامتحان والبطاقة الوطنية الموضعتان وسط كتب ولم اضعهما مع لوازمي استعدادا للسفر صباح يوم الاحد، على التو فكرت في النهوض قصد وضع ورقة الدخول للامتحان والبطاقة الوطنية مع لوازمي، الا انه شعرت وكأن أحدا يقول لي لا بأس نم حتى الصباح ويمكنك أخذ هذه الوثائق.
في الصباح تناولت فطوري وتوجهت مع السواقة قاصدا السوق الاسبوعي والذي منه سأتوجه الى مدينة سطات عبر الحافلة، بعد سويعات قضيتها في السوق امتطيت الحافلة متوجها الى مدينة سطات، وبعد قطع الحافلة لمسافة 20 كيلومترا من السوق تذكرت انني نسيت ورقة الدخول الى الامتحان والبطاقة الوطنية، صحت من مكاني وسط الحافلة وانا آمر السائق بالتوقف..حبس حبس، نظر كل ركاب الحافلة الي ولم يفهموا ما وقع لي، سألني سائق الحافلة…مالك ياك لباس، قلت له لقد نسيت بعض الأغراض المهمة.
غادرت الحافلة مكرها ولجأت الى يمين الطريق في الاتجاه المعاكس أطلب من يحملني معه عائدا الى السوق ثم الى بيتنا كي آخذ ورقة الدخول الى الامتحان والبطاقة الوطنية اللتان نسيتهما.

وبعد مرور زهاء عشر دقائق ظهرت لي 7 سيارات تقترب مني، ولحظة تجاوزتني سيارة سيمكا كريزلير صفراء وتوقفت على بعد 30 مترا، هرولت نحوها لأجد فرنسيا يسألني ان كنت متوجها الى مراكش، قلت له أنا ذاهب فقط الى مسافة 20 كيلومترا، أمرني بالركوب وحكى لي كونه متوجه الى مراكش كي ينتظر ابنته التي ستنزل في مطار المنارة .
حكيت له بدوري ما وقع لي، وعند وصولنا الى قرية مشرع بن عبو الجميلة على نهر أم الربيع، أعجب الفرنسي بالمنطقة وقال لي هذه منطقة جميلة، أجبته كونها منطقتنا وبامكانه المجيء عندنا وقت ماشاء، ثم عرضت عليه مرافقتي الى بيتنا في الدوار كي يتعرف على العائلة.

لا أخفيكم أنه لم يضع كامل ثقته في منذ البداية، وعند وصولنا الى الطريق المترب الذي يربط الدوار بالطريق الوطنية رقم 9 سألني كم هي المسافة من الطريق الوطنية الى الدوار عبر هذه الطريق المتربة، أجبته ان المسافة هي ثلاثة كيلومترات، فجأة أعاد كونتور سيارته الى الصفر كي يتأكد ان كانت حقا المسافة هي ثلاثة كيلومترات وليس أكثر.
عند وصولنا للدوار أعجب به وصاح فرحا، وامام خيمتنا توقف وسألني ان كانت العائلة ستتضايق بقدوم أجنبي، قلت لا حاشا لله ستلقى كامل الترحاب من عائلتي.
عند دخولنا الى الخيمة تفاجأت عائلتي وتساءلت، كيف لي أنا الذي توجهت الى مدينة سطات وأعود الآن الى البيت ومعي أجنبي، حكيت القصة لعائلتي ورحبت بالضيف.
بعد تناول شاي منعنع أخذت وثائقي وعدت الى السوق برفقة الفرنسي، امام باب السوق ناولني بطاقة زيارة تحتوي على عنوانه وهاتفه وطلب مني زيارته كلما توجهت الى الدار البيضاء، وأسر الي كونه مدير شركة تأمينات دولية مقرها في الدار البيضاء، وفعلا كنت أزوره وكان يخصص لي استقبالا كبيرا ويناولني البعض من الاموال أقضي بها ما أحتاجه.
صداقة كبيرة جمعتنا واصبح هذا المدير الفرنسي يزورنا في الرحامنة، وأحب خبز وشاي أمي، كما حضر لحفلات زفاف في الدوار وحمل هدايا للعرسان ورقص مع عبيدات الرمى كما توضح الصورة، وبعد رسوبي سنتين متتاليتين في الباكلوريا، توجهت عنده الى البيضاء طالبا منه أن يجد لي عملا في شركة التأمينات التي يديرها وكم كان ينتابني الخجل.
وكان شهر يوليوز سنة 1984 هو تاريخ التحاقي بشركة التأمينات بعدما دعاني هذا المدير الطيب، وقضيت بها مدة 35 سنة حتى تاريخ تقاعدي يوم 15 فبراير 2019.
انها صدفة الطريق وحكاية الاوطوسطوب التي كتبت لي الحصول على عمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى